قبل 14 عشر عاما وتحديدا بتاريخ 18 / 12 /2010 وباحدى المدن التونسية سيدي بوزيد، وعلى اثر حادثة بين مواطن تونسي محمد البوعزيزي، والذي تم مصادرة عربة الخضار التي كان يبيع عليها ليعتاش ويعيل اسرته ،ويفوم بعد ذلك باحراق نفسه احتجاجا على ما فعلته شرطة البلدية ، وعلى اثر هذه الحادثة وبسبب الكثير من الاوضاع الداخلية التي كانت بتونس قامت ثورة شعبية اطاحت بزين العابدين والذي غادر تونس على متن طائرة وتوجه للسعودية .
وعلى اثر هذه الحادثة اشتعلت الكثير من الاحتجاجات باقطار عربية ، واطلق عليها الربيع العربي وكان من نتائج هذه الاحتجاجات ان اطيح بقادة عرب وبعض الاقطار العربية ادخلت تعديلات دستورية ، والبعض الاخر اجرى انتخابات الهدف منها امتصاص النقمة الشعبية ، والملاحظ ان حكام الانظمة التي لها مكانة لدى الغرب بقيت كما هي ولم تتاثر كثيرا بموجة الربيع العربي، حتى ولو قامت باجراءات ديكورية على انظمتها الهدف منها لا يخفى على احد ، فسجون هذه الانظمة فيها من الاحداث ما يكفي لمعرفة حرصها على اطلاق الحرية والتي ثبت ان الغرب يروجها علينا ولا يطبقها، وما يجري منذ ما يزيد عن عام بفلسطين من قبل الصهاينة خير دليل .
اسوق هذه المقدمة بعد ان عشنا سنوات طويلة من المواجهات بين نظام الاسد بسوريا والعديد من قوى المعارضة بشعاراتها المختلفة ، وتمويلها وتبعيتها لقوى دولية او اقليمية لها مطامع بوطننا العربي لا تخفى على احد ،الحرب الدائرة بغزة وما كنا نسمعه من قوى اقليمية من مساندتها للمقاومة بفلسطين وخاصة حزب الله الذي دخل في مواجهة مسلحة مع الكيان الصهيوني ، وما تبع هذه المواجهة من عمليات قصف ما بين ايران والكيان الصهيوني ، هذه المواجهات التي حذرت دول اقليمية من نتائجها وتوسع الحرب ودخول ابران بمواجهة مع الكيان الصهيوني بعد عمليات اغتيال اسماعيل هنية بطهران وعدد من قادة حزب الله بلبنان، واستهداف مواقع عسكرية بسوريا قبل سقوط النظام ، كل هذه الاحداث دفعت للضغط لتهدئة المواجهات وتم التوصل لوقف اطلاق النار بين لبنان والكيان الصهيوني بتاريخ 27/11/2024 وبنود هذا القرار منشورة ومنها ان تنسحب القوات الاسرائيلية من داخل القرى والمدن اللبنانية التي اجتاحتها خلال 60 يوم .
وبعد وقف اطلاق النار ما بين لبنان والكيان الصهيوني هل هدات المنطقة ؟ فقد بدا الحديث عن حماية الكيان الصهيوني الذي تاثر اقتصاده من الحرب الدائرة ، وبعد توقف الوساطة لعقد صفقة تبادل الاسرى بين حركة حماس والكيان الصهيوني ، شاهدنا اشتعال المواجهة داخل سوريا بين قوات المعارضة والجيش السوري ،وبدات المدن السورية وبكل سهولة ويسر تقع تحت سيطرة المعارضة ، ووصلت قوات المعارضة العاصمة السورية دمشق التي دخلتها بتاريخ 8/12/2024 وتعلن نهاية نظام بشار الاسد وتبدا بنشر الاخبار عن دموية النظام والكشف عن السجون واشهرها سجن صدانايا والكشف عن عمليات القتل والتعذيب التي مورست على سوريين وجنسيات اخرى مختلفة ، واعلنت المعارضة وقف العمل بالدستور السوري لحين اجراء انتخابات ووضع دستور جديد .
لسنا هنا في معرض الدفاع عن نظام حكم او حاكم ، فكل نظام بما قدمه لوطنه وشعبه والامة العربية دليل على صدق او عدم صدق رسالته وشعاراته التي يرفعها ويؤمن بها ، فشتان ما بين نظام يدعي دفاعه عن وطنه وشعبه وامته وهو بعكس ذلك تماما ، وبين نظام عمل لاجل شعبه ووطنه وامته وقدم دليل على ذلك قولا وفعلا ، فالتاريخ لا يرحم وكل نظام وحاكم يقدم سيرة ذاتية تضعه بتاريخ مشرف او تضعه بتاريخ سيء وغير مشرف ولا نريد الدخول بتفاصيل فالشمس لا تغطى بغربال .
ما ان دخلت قوات المعارضة السورية دمشق ، سارعت العديد من دول الاقليم للحديث عن مستقبل سوريا وشكل الحكم وعلاقته بدول العالم ، ولم ياتي هذا الكلام من فراغ لاسيما وان من يقف على راس هذه المعارضة لا زال مصنفا على قائمة الارهاب بالرغم من قيل ويقال عن محاولات لاعادة النظر بالعقوبات التي فرضت على سوريا وسمعنا الكثير من التصريحات حول هذا الامر ، حتى ان مسؤولين غربيين بداؤا بالتوافد على دمشق والتواصل مع من وصفوهم يوما ما بالارهاربيين ، نحن لا نتحدث هنا للتشكيك او مهاجمة جهة معينة ولكننا نظهر الوضع كما هو وكشف كذب الغرب والازدواجية بالتعامل ، وهذا يذكرنا بما قاله محللون وكتاب حول التعاطي الغربي مع الاحداث العالمية، والتي ثبت زيف الشعارات حول الحرية والديمقراطية بعد ما جرى ويجري من ابادة جماعية بفلسطين المحتلة .
اما على صعيد دول الاقليم فاول من اتخذ اجراء مباشر بحجة حماية امنه فهو الكيان الصهيوني الذي سارع بمهاجمة المواقع العسكرية واسلحة الجيش السوري وكل مواقع الصناعات العسكرية وتدميرها ، ولم يكتفي بذلك بل قام باحتلال الجولان وجبل الشيخ والقنيطرة ووصل لمسافة قريبة من دمشق ، ولم نرى من دول الغرب موقف ضاغط على ما قام به العدو الصهيوني ومطالبته بالعودة الى مواقعه السابقة ،ومثل هذا الموقف ليس بغريب ووصل الامر باقرار انشاء مستوطنات بمنطقة الجولان .
اما على صعيد الموقف العربي فبعد اقل من اسبوع على مغادرة بشار الاسد لسوريا فتم عقد اجتماع للجنة الاتصال العربية بمدينة العقبة بالاردن ، وتتالف هذه اللجنة من الاردن والسعودية والعراق ولبنان ومصر وامين عام جامعة الدول العربية ، وحضور وزراء خارجية قطر والامارات والبحرين وتركيا ، وشارك بالاجتماع كل من المانبا وبريطانيا وممثل الاتحاد الاروبي للشؤون الخارجية والامنية والمبعوث الاممي لسوريا ولا ننسى وزير الخارجية الامريكي بلينكن ، كل هذه الدول اجتمعت لبحث الاوضاع بسوريا والمرحلة القادمة ، اما صاحب الشان السوري والمعني بالامر فلم يكن موجود وعلم بما صدر من قرارات عن هذا الاجتماع من وسائل الاعلام وربما تابع الاجتماع من خلال القنوات الفضائية، ولا ندري ما هو موقف القيادة السورية من مخرجات اجتماع العقبة ؟ وما ردة فغل الدول المجتمعة فيما لو لم يؤخذ بما توافقت عليه هذه الدول ؟ وهل هناك قرارات وتوافقات سرية لم يتم الاعلان عنها حول امور معينة؟.
ان اعلان اجتماع العقبة والذي اكد على الوقوف لجاتب السوريين واحترام خياراته وانتقال سلمي للسلطة تمثل كافة القوى السياسية والاجتماعية برعاية الامم المتحدة وجامعة الدول العربية , وطالب بيان العقبة بانسحاب القوات الاسرائيلية من الاراضي السورية التي احتلتها بعد انهيار حكم الاسد بسوريا ، وطالبت مجلس الامن الدولي باتخاذ الاجراءات اللازمة لوقف العدوان .
لا ندري هل ستكون سوريا اخر محطة لقطارالربيع العربي ام ستكون هناك محطات اخرى قادمة؟ نطرح هذا السؤال ونستذكر ما قاله امرؤ القيس عندما بلغه مقتل ابيه اليوم خمر وغد امر ، وندعوا الله ان يكون غدنا العربي غد مشرق نعمل لنهضة وتحرر الامة والوطن مما الت اليه الاوضاع .
0 تعليق