"القبطان" يغادر ميناءه.. ويودع نوارسه - الصبح

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
"القبطان" يغادر ميناءه.. ويودع نوارسه - الصبح, اليوم الاثنين 23 ديسمبر 2024 12:26 صباحاً

الرئيسية مـقـالات مـقـالات الإثنين, 23 ديسمبر, 2024 - 12:24 ص

طارق عبد الحميد

طارق عبد الحميد

"وَما المَرءُ إِلّا كَالشِهابِ وَضَوئِهِ// يَحورُ رَمادًا بَعدَ إِذ هُوَ ساطِعُ".. هكذا قال الشاعر القديم لبيد بن ربيعة في واحد من أشهر أبيات الرثاء في الشعر العربي، والذي أراه ينطبق بشدة على رحيل الفنان الكبير نبيل الحلفاوي مؤخرًا.

وها قد رحل "القبطان" مغادرًا ميناءه الكبير (مصر)، ومودعًا النوارس (جمهوره) التي عشقته على مدى عقود من الفن الراقي - سينما ودراما تليفزيونية - ولم لا، وهو الذي دخل القلوب بلا استئذان، كأنه أبوك أو أخوك أو صديقك الذي تطمئن إليه، فتصدقه على الفور؟

لقد جسد الحلفاوي "فضيلة الاستغناء"، فلم يضبط يومًا بأداء دور لا يعجبه لمجرد التواجد فقط، أو بحثًا عن المال الذي يعين الناس على مواصلة الحياة، ولذا حملت أدواره المتنوعة - على قلتها مقارنًة بمجايليه - بصمات مضيئة في دنيا التشخيص الدرامي، فتارًة تجده يحلق عاليًا في دور "نديم قلب الأسد" رجل المخابرات الأريب في المسلسل الملحمي "رأفت الهجان"، وتارًة أخرى تجده متوهجًا في دور الشهاب "زكريا بن راضي" كبير البصاصين في التحفة الفنية "الزيني بركات"، وتارًة ثالثة يكاد يلامس السحاب في دور "القبطان" بالفيلم الرائع "الطريق إلى إيلات"، وغيرها.. وغيرها الكثير.

وإذا كانت مصر دائمًا ولّادة بالممثلين الكبار - وهم كُثر- من الذين يتقمصون شخصياتهم الدرامية بحنكة وبراعة، فنصدقهم ونتفاعل معهم، فإن الحلفاوي كان من تلك القلة النادرة من هؤلاء المبدعين الذين لا نصدقهم وكفى، ولكن نحبهم أيضًا في معادلة غريبة إنسانيًا قبل أن تكون فنيًا.

ويبدو أن السر في ذلك يعود إلى شخصية الراحل الكبير الذي حمل سمات "النبل الإنساني" من اسمه، فهو "نبيل" قلبًا وقالبًا، إذ حمل بين جنبيه سلامًا وهدوءًا مدهشيْن استحالت معهما الحياة عنده إلى جوهرها الحقيقي "البساطة" التي تنتفي معها كل الصراعات والتجاذبات.

منذ عدة سنوات، كتبت عن الراحلة الكبيرة محسنة توفيق حين انتقلت إلى ربها أنها نموذج مثالي للمرأة المصرية، أو هي "بهية" بالمفهوم الحضاري المصري، وأظن أن الحلفاوي - رحمه الله- هو "المعادل الموضوعي" لـ "بهية"، فهو "المصري الحقيقي" بروحه الصافية وبسمرته الأنيقة وبرقيّه الإنساني والأخلاقي. رحمك الله يا قبطان وأدخلك فسيح جناته!

48333180e5.jpg

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق