الأردن دولة عصرية ناشئة لا يتجاوز عمرها مئة عام ونيف، حيث بدأت كإمارة شرق الأردن وتطورت إلى مملكة أردنية هاشمية، ذات مساحة صغيرة وإمكانات محدودة من حيث الموارد.
ورغم ذلك، تميّز الأردن بعدة مزايا، أهمها الموقع الجغرافي الحيوي الذي يربط الشرق بالغرب، إذ يتوسط قلب الشرق العربي، بالقرب من مكة المكرمة والمدينة المنورة وبيت المقدس في فلسطين.
منذ إنشائه وحتى يومنا هذا، انحاز الأردن إلى عمقه العربي والإسلامي وإلى الإنسانية عامة، فقد واكب كافة الأزمات العربية التي حدثت منذ بداية الاستعمار الأجنبي للبلاد العربية والحروب الأهلية والإقليمية منذ مطلع القرن الماضي، فاستقبل الأردن موجات النزوح البشري الهاربة من ويلات الحروب والكوارث، بدءًا من الشيشان والشركس، مرورًا بالثورة السورية الكبرى عام 1920م بقيادة الثائر سلطان باشا الأطرش، والنزوح الفلسطيني إثر النكبة عام 1948م والنكسة عام 1967م، وصولاً إلى حروب العراق والنزوح الأخير للأشقاء السوريين جراء الأزمة السورية التي اندلعت عام 2011م.
وقف الأردن كدولة عصرية، بقيادة وحكومة وشعبًا، موقفًا مشرفًا، إيمانًا بمبادئ حقوق الإنسان وحق العيش الكريم للأفراد المعرضين للخطر، بالإضافة إلى حقوق اللاجئين وسلامتهم.
كان هذا الموقف الإنساني نابعًا من مبادئ الدولة الأردنية المستمدة من أهداف الثورة العربية الكبرى بقيادة الشريف الحسين بن علي، ومن إنسانية الحكم الهاشمي الذي يقوم على مبادئ الدين الإسلامي الحنيف.
في هذه المقالة، سأركز على المواقف الإنسانية الأخيرة التي تبنتها الدولة الأردنية بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم:
1.الموقف الأردني تجاه الأشقاء في فلسطين:
كان الأردن ثابتًا في دعمه للأشقاء الفلسطينيين عبر تاريخ نضالهم الطويل، وخصوصًا في الحرب الأخيرة على قطاع غزة.
يؤمن الأردن بأن الحل الوحيد للصراع العربي الإسرائيلي يكمن في إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني واستعادة حقوقه وأراضيه المحتلة، مع إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
ومن أبرز المبادرات الإنسانية الأردنية، الإنزالات الجوية التي قام بها جلالة الملك وولي عهده، لإيصال المساعدات الإنسانية إلى أهلنا في غزة، وقد حركت هذه المبادرة العالم نحو تقديم المساعدات الإنسانية بوسائل متنوعة.
2.الموقف الأردني تجاه الأشقاء في سوريا:
منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011، كان الأردن حاضرًا في قلب الصراع، داعيًا النظام السوري لحل الأزمة بالطرق السياسية لتجنب الشعب السوري ويلات الحرب.
ورغم الصعوبات الاقتصادية التي يعاني منها الأردن، فتح حدوده لاستقبال حوالي مليوني لاجئ سوري، مقدمًا لهم الخدمات الإنسانية والتعليمية والصحية.
كما ظل الأردن طيلة سنوات الأزمة السورية صوت العقل والحكمة في المحافل الدولية، داعيًا إلى حل سياسي يحقن دماء السوريين.
تحمل الأردن أعباء كثيرة، منها مواجهة عصابات تهريب المخدرات على حدوده الشرقية، مما كلّفه ثمنًا باهظًا في سبيل حماية أمنه.
إن المتابع للمواقف الإنسانية للأردن يدرك أنها ثابتة ومستمرة تجاه الشعوب العربية، مهما تغيرت الأنظمة الحاكمة، لم يثبت يومًا أن الأردن ساهم أو دعم إراقة الدم العربي، بل كان دائمًا نصير الشعوب في محنها وأزماتها.
0 تعليق